أُخْلاقُ المُسْلِم

الجار وحسن الجوار

الجار وحسن الجوار

 

الجار وحسن الجوار

 

لقد عمِل الإسلام منذ ظهوره على تأسيس مجتمع صالح لا يُظلَم فيه أحد ولا يعتدي فيه أحد على أحد، فحبّبَ إلينا سلوكاً وبغّض إلينا سلوكاً آخر، فالذي حبّبه إلينا فهو النافع لنا على كل حال، والذي بغّضه إلينا فهو الضار لنا في جميع مراحل حياتنا، ومن الأمور التي أعطاها الإسلام عناية كبرى موضوع الجار، فهو من المواضيع الإنسانية والدينية في نفس الوقت حيث يترتب عليها الثواب والعقاب، فلقد أوصانا ربنا بحسن الجوار للجار وإن كان من غير ملتنا فقال تعالى(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) فنلاحظ بأنه تعالى قرن هذه السلوكيات بعبادته وعدم الشرك به مما يوحي بأنها من العبادات المطلوبة وهي كذلك بالفعل لأنك لو صليت وصمت وحججت بيت الله الحرام ولم تكن محسناً لجارك فأبشر بفراغ عملك من المنفعة، ويدلنا على ذلك قول رسول الله: أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمناً: وقال(ص) ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه: وقال علي: مِن حُسْن الجوار تَفَقُد الجار: وقال من حسُن جوارُه كثر جيرانه: وقال الصادق: عليكم بحسن الجوار فإن الله أمر بذلك: وقال في بيان آثار حسن الجوار: حُسن الجوار يزيد في الرزق: وإذا سأل أحد من الناس عن معنى حسن المجاورة لأجابه الإمام الكاظم بقوله: ليس حسن الجوار كفَّ الأذى، ولكنْ حسنُ الجوار الصبر على الأذى: يعني أن تصبر على جارك مهما آذاك، هكذا أدبنا رسول الله وبهذه الطريقة كان يتعامل مع جيرانه حتى هموا إلى الإسلام بسبب حسن خلقه ومدى تحمّله لأذاهم.

وقال علي: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إني أردت شراء دار أين تأمرني أشتري، في جُهَينة أم في مُزَينة أم في ثقيف أم في قريش؟ فقال له رسول الله: الجوارُ ثم الدار، الرفيق ثم السفر: وقال علي: سل عن الجار قبل الدار: وأما جار السوء فإنه أمر عظيم وحِمل ثقيل، فلقد قال لقمان الحكيم: حَمَلتُ الجَندل والحديد وكلَّ حِملٍ ثقيل فلم أحمل أثقل من جار السوء: وقال(ص) أعوذ باله من جار السوء في دار إقامةٍ تراك عيناه ويرعاك قلبُه، إن رآك بخيرٍ ساءه وإن رآك بشرٍ سرّه: وقال علي: جار السوء أعظم الضرّاء وأشد البلاء: فالمؤمن لا ينبغي أن يؤذي جاره، قال(ص) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره: وقال(ص) ليس المؤمن الذي يبيت شبعانَ وجاره جائع إلى جنبه: والجار له حق كبير عليك أيها المسلم المؤمن فلقد قال الإمام زين العابدين: أما حق جارك فحفظُه غائباً وإكرامه شاهداً ونُصرته إذا كان مظلوماً ولا تَتَّبِعُ له عورةً فإن علمتَ عليه سوءاً سترتَه عليه وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحتَه فيما بينك وبينه ولا تُسْلِمُه عند شديدة، وتُقيل عثرته وتغفر ذنبه وتعاشره معاشرة كريمة:

الشيخ علي فقيه

الشيخ علي الفقيه

قال سبحانه( واذكر ربك حتى يأتيك اليقين) إن ذكر الله عز وجل لا ينحصر بجارحة اللسان بل يجب أن ينبع من صميم القلب وتترجمه الطاعة الصادقة التي تتحقق بفعل الواجب والمستحب وبترك كافة المحرمات جعلنا الله واياكم من الذاكرين العابدين الصادقين الشيخ علي فقيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى